21 عاماً مرت على رحيل الزعيم ياسر عرفات والذي غاب عن الدنيا في 11 نوفمبر 2004، في مستشفى بيرسي العسكري بباريس، بعد حصار إسرائيلي عليه داخل مقره في رام الله، استمر عامين من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
واليوم وبعد هذه السنوات يظل عرفات علامة بارزة في تاريخ النضال الفلسطيني، مهما اختلف حوله كثيرون، بل يظل أيقونة لنضال طويل في التاريخ الفلسطيني، ويطرح السؤال نفسه في هذا اللحظة، هل من الوارد أن تكون هذا الذكري بداية لتوحيد الصف الفلسطيني على كلمة سواء من أجل دولة ظل يحلم بها عرفات سنوات طوال؟.
وتأتي ذكراه الـ21 في مرحلة دقيقة من تاريخ القضية الفلسطينية، والتي تمر بنقطة تحوُّل، خاصة بعد حرب الإبادة الإسرائيلية التي راح ضحيتها ما يتجاوز الـ70 ألف شهيد ومئات الضحايا، والمفقودين، ثم البدء في مراحل تثبيت وقف الحرب على أهل غزة، في ظل خروقات متكررة من جيش الاحتلال.
يكاد يكون هناك إجماع هذه الأيام على أن ذكرى عرفات تفتح الباب للتأكيد على ضرورة توحيد الرؤي الفلسطينية من أجل مواجهة تحدي رئيسي، وهو قطع الطريق أمام إسرائيل للتنصل من بنود اتفاقية وقف الحرب على غزة، وفق خطة ترامب ومخرجات قمة شرم الشيخ للسلام.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس شدد على أن شخصية ياسر عرفات ستبقى حاضرة في وجدان الفلسطينيين وضمير الأمة، رمزا للثورة والكرامة الوطنية، وعنوانا للوحدة والإصرار على الحرية والاستقلال، مع التأكيد على التزام القيادة الفلسطينية بمواصلة نهج القائد المؤسس ياسر عرفات ورفاقه في مسيرة النضال من أجل الحرية والاستقلال، وهذه الذكرى تمثل محطة وفاء وإجلال لقائد تاريخي كرس حياته دفاعا عن قضية شعبه، مؤمنا بحقه في الحرية والكرامة والاستقلال.
واتخذ عباس من الذكري منصة للتشديد على تمسك الحكومة الفلسطينية بالوحدة الوطنية وبالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية، على أساس الدولة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، مع الالتزام بالمقاومة الشعبية السلمية كخيار نضالي.
حماس في بيان لها، سعت للتأكد على أن الحركة ستبقى على العهد، متمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني ومدافعة عن أرضه ومقدساته، وأن ذكرى الرئيس ياسر عرفات ستظل منارة تضيء درب النضال والتحرير، والتشديد على التواصل الدائم مع مختلف الفصائل الفلسطينية للاتفاق على خطوات وطنية مشتركة لمواجهة التحديات الراهنة، ولا سيما في الضفة وغزة، وقضية الأسرى، كما دعت الجميع إلى التعالي على الخلافات الجزئية من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
هذه الكلمات من المهم أن تصبح برامج عمل بين كل الفصائل، للحيلولة دون إعطاء الكيان المحتلة أدنى فرصة للتغول على الحقوق الفلسطينية، وتعرية قوات الاحتلال أمام العالم، إزاء أي انتهاكات تقوم لها حتى اللحظة، تجاه حقوق شعب تحت الاحتلال.
ولفت نظري عبارة مهمة قالها السفير الفلسطيني بالقاهرة في حفل احياء الذكري الـ21 لرحيل عرفات، حذر فيها "من محاولات كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومساعي فصل قطاع غزة عن الجسد الوطني، منوها بأن الشهيد عرفات جسّد وحدة الأرض والشعب في إطار دولة فلسطين الواحدة وعاصمتها القدس، منوها إلى أن الذكري تأتي هذا العام في ظل حرب إبادة وتطهير عرقي تستهدف الوجود الفلسطيني".
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكدت على لسان أسامة أحمد ممثل الفصائل الفلسطينية على أن المرحلة الحالية تتطلب وحدة الصف الفلسطيني أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة التحديات الماثلة إقليميًا ودوليًا، والتصدي لمحاولات التهجير، فيما جاء تحذير مهم، جاء على لسان أحد القادة الفلسطينيين من خطورة الانقسام وضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا.
الحضور الوجداني لنضال عرفات في الفلسطينيين ونحن في ذكراه، الأهم فيه أن يكون بحضور فاعل لتخطي التحديات، ومحاولات إسرائيل للقفز على حقوق أجيال في أرض ووطن وحياة، وبتوحيد الجهود الوطنية في إطار برنامج وطني يواجه عدوان العدو وسياسات الاحتلال، لتأكيد صمود شعب لسنوات طوال.
-----------------------------
بقلم: محمود الحضري






